responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 499
أكون حَيًّا بحياة الله وروحه كما كنت قبل هذا ثم لما سمعوا من عيسى عليه السّلام ما سمعوا تاهوا وتحيروا في امره وصاروا حيارى متعجبين من علو شأنه وشأن والدته وجلالة قدرهما فاختلفوا حينئذ وتفرقوا فرقا وأحزابا فرقة منهم قالت بألوهيته وفرقة قالت بابنيته لله وفرقة قالت بالأقانيم ومنهم من رماه وامه بما لا يليق بشأنهما
لذلك اخبر سبحانه حبيبه صلّى الله عليه وسلّم بما هو الواقع في الواقع والحق الصريح فقال ذلِكَ اى القائل بهذه الكلمات والموصوف بهذه الصفات المذكورة هو عبدنا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لا ما قالته غلاة النصارى ولا ما قالته طغاة اليهود بل قَوْلَ الْحَقِّ هذا الَّذِي ذكرنا لك يا أكمل الرسل وهم فِيهِ يَمْتَرُونَ ويترددون مع انه لا ريب فيه لا ما قالته النصارى بانه ابن الله
إذ ما كانَ اى ما صح وما جاز لِلَّهِ ولا يليق بعلو شأنه سبحانه أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ وهو منزه في ذاته عن الأهل والولد إذ لا تليق بذاته المعاونة والاستظهار بهما تعالى عن ذلك بل من حكمه وشأنه انه سبحانه إِذا قَضى وأراد أَمْراً من الأمور الكائنة في عالم الأمر فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ حين تعلقت ارادته بتكوينه كُنْ بلا ترتب في السمع بتقديم الكاف على النون إذ كلامه القائم بنفسه سبحانه نفسي ذاتى لا يتوهم فيه الحروف والأصوات ومقاطعها ليتصور الترتيب بالتقدم والتأخر كما يتوهم في الألفاظ الصادرة عنا بل يخلق سبحانه بقدرته الكاملة في لساننا لفظا معجزا لا من جنس الفاظنا ليسع لنا التعبير حكاية عن كلامه النفسي وقت ارادة نفوذ قضائه وهو لفظة كن وعن حصول المقضى بلفظ فَيَكُونُ ايضا بلا تراخ وتعقيب يفهم من الفاء ومن كان شأنه هكذا من اين يكون له حاجة الى الأهل والولد واحبال المرأة ووقاعها تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا بل هو سبحانه واحد احد فرد وتر صمد لم يتخذ صاحبة ولا ولدا هذا اى من قوله ذلك عيسى ابن مريم الى هنا كلام قد وقع في البين.
ثم قال سبحانه حكاية عن عيسى من جملة ما اوصى اليه وَبعد ما بالغ عيسى في بيان طهارته وعصمة امه وتكلمه في غير أوان التكلم بكلام عجيب غريب قد علم بنور النبوة ونجابة الفطرة والفطنة ان بعضهم قد يغلون في شأنه وشأن امه ويتخذونهما الهين أورد كلاما نافيا لظنونهم وجهالاتهم دافعا لها رادعا إياها فقال إِنَّ اللَّهَ القادر المقتدر الذي قد أوجدني وابدعنى بلا أب هو رَبِّي الذي رباني وأمي بأنواع الكرامة وأظهرني من كتم العدم بمقتضى قدرته وَهو سبحانه رَبُّكُمْ ايضا قد أوجدكم وأظهركم مثلي إيجادا إبداعيا فَاعْبُدُوهُ ووحدوه ولا تشركوا معه شيأ من مخلوقاته وتوجهوا نحوه بالتذلل التام والانكسار المفرط إذ هو المستحق للعبادة لا معبود سواه ولا اله الا هو هذا الذي قد بينت لكم صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ وطريق واضح سوى موصل الى معرفة الحق وتوحيده فاتبعوه ان كنتم مؤمنين موقنين بتوحيده وبعد ما نبههم صلوات الرّحمن عليه بالطريق الأبين الأوضح
فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ اى فرق النصارى واليهود في شأنه وشأن امه اختلافا ناشئا مِنْ بَيْنِهِمْ بلا سند شرعي او عقلي فأفرطت النصارى باتخاذه الها او ابن اله وأفرطت اليهود بنسبته وامه الى ما لا يليق بشأنهما وبالجملة فاستحق كلا الفريقين باشد العذاب وأسوء العقاب فَوَيْلٌ عظيم وعذاب شديد اليم لِلَّذِينَ كَفَرُوا ستروا ما هو الحق في شأنه وعدلوا عنه الى الباطل بلا حجة وبرهان مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ اى من شهود يوم القيمة وظهوره وحضوره وهم يسحبون فيه على وجوههم نحو النار ويكبون عليها صاغرين مضطرين
أَسْمِعْ ايها المسمع بِهِمْ اى بأنينهم وحنينهم في النار

اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 499
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست